الوطن ملحمة عشق بين الإنسان والأرض التي تحتضنه، كلماتها عطاء ووفاء. وزانت الأمم، على مدى التاريخ، إكليل فخرها بجوهرة حب الوطن وفداء كل ذرة من ترابه، واحتقرت أي فرد يتنكر له ويبيع الذمم والولاء لخدمة الأعداء الذين يستهدفون إثارة الفتن وعدم الاستقرار. وتباهت الشعوب بهويتها الوطنية، التي لا تعدها مجرد إشعار إثبات انتماء، بل مثلت لها موروث لمجموعة قيم دينية ولغوية وثقافية وجغرافية وسياسية واقتصادية واجتماعية، تميزت بها ووثقت وحدتها ضمن نسيج وطني متناسق ومتكامل، ليستند عليها البناء. وعالمنا اليوم تتجاذبه نزاعات وأطماع دولية متعددة تلاشت بسببها لغات وموارد وعادات وتقاليد بل حتى دول.. وتتلاطم فيه أمواج مختلفة من التيارات والأفكار العقائدية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية، وكل منها يدعي المصداقية والبراءة. وساهمت وسائل الاتصال والتقنية الحديثة في سرعة تداولها وانتشارها. وإذا لم يكن المجتمع، وخصوصاً الأطفال والشباب، محصناً بالدرجة الكافية من الوعي لتمييز بين الصالح والطالح، فتلك إذا الفرصة التي ينشدها الحاقدون والطامعون. والحصانة لمواجهة هذه التحديات، تستمد من إدراك الهوية الوطنية والاعتزاز بها، مع الرشاد إلى أن هذه الهوية ليست بأي حال من الأحوال جامدة لا تقبل التطوير والتهذيب بما لا يخل بمكونها الأساسي.لذلك ليس مستغرباً قناعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الراسخة بأهمية الحفاظ على الهوية الوطنية السعودية، والتي تجلت بقوله (إن الحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية وتراثنا وثقافتنا وأصالتنا من أوجب واجباتنا، ومكانة كل أمة تقاس بمقدار اعتزازها بقيمها وهويتها) .. وأكدها ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حيث قال إن (ثروتنا الأولى التي لا تعادلها ثروة مهما بلغت: شعب طموح، معظمه من الشباب، هو فخر بلادنا وضمان مستقبلها -بعون الله-، ولا ننسى أنه بسواعد أبنائها قامت هذه الدولة في ظروف بالغة الصعوبة، عندما وحدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-.. وبسواعد أبنائه.... رؤيتنا لبلادنا التي نريدها، دولة قوية مزدهرة تتسع للجميع، دستورها الإسلام ومنهجها الوسطية، تتقبل الآخر ). حزء من مقال الدكتور / يوسف بن طراد السعدون بجريدة الجزيرة بتاريخ / 3/04/2019